علم السوفييت عام 1969 بالبرنامج الأمريكي "إف-إكس" والذي تطور لينتج الطائرة إف-15 إيجل. أدرك القادة السوفييت سريعاً أن المقاتلة الأمريكية الجديدة تعد متفوقة تكنولوجياً بشكل كبير عن المقاتلات السوفيتية المتوفرة آنذاك فظهرت الحاجة إلى مقاتلة متوازنة من حيث خفة المناورة (الذي ميز الطائرات السوفيتية دائما) بالإضافة إلى الأنظمة المعقدة (الذي ميز الطائرات الغربية).
قامت هيئة الأركان السوفيتية بإعلان طلب تصميم المقاتلة الجديدة وسمي البرنامج "مقاتلة الصف الأول المتطورة" (PFI). كانت الطلبات وطموحات القادة كبيرة جدا حيث طلبوا طائرة بعيدة المدى، تستطيع الإقلاع بسهولة من الممرات القصيرة، خفة وقدرة ممتازة على المناورة، سرعة تزيد عن ماخ 2، وقدرة كبيرة على حمل الأسلحة. تم التصميم الأيروديناميكي بشكل رئيسي في مكتب تساجي (بالتعاون مع مكتب سوخوي).
البلدان المستخدمة لميغ 29
كانت طائرة ميج-29 تابعة للقوات الجوية السوفيتية متوقفة بعد رحلة عرض في معرض أبوتسفورد الجوي ، 1989
مدرب سلاح الجو الروسي ميج-29 يو بي
إلا أنه في عام 1971 قرر السوفييت حاجتهم لنوع أخر من المقاتلات، فبالإضافة إلى برنامج "مقاتلة الصف الأول المتطورة" أضيف برنامج أخر هو "المقاتلة التكتيكية خفيفة الوزن المتطورة" (LPFI). خططت مقاتلات سلاح الجو السوفيتي لتتكون من 33% PFI و67% LPFI. وإزاء هذا الاتجاه في الولايات المتحدة برنامج الإف-16 كمقاتلة خفيفة الوزن. كلف مكتب سوخوي ببرنامج المقاتلة الثقيلة والذي انتهى إلى المقاتلة سو-27. أما ميكويان فكلفت بالمقاتلة الخفيفة وانتجت الميج-29. بدأ تصميم الميج-29 (والتي سميت ميج-29 إيه) في عام 1974 وطارت لأول مرة في 6 أكتوبر 1977 والتقطتها الأقمار الصناعية الأمريكية في نوفمبر من نفس العام. ظن الأمريكيون أنها الطائرة "رام-إل" وهي طائرة تجريبية لم نتنج مزودة بمحرك تومانسكي أر-25.
على الرغم من تأخر البرنامج بسبب فقدان طائرتين أوليتين بسبب مشاكل متعلقة بالمحرك، دخلت الميج-29 B خطوط الإنتاج ودخلت الخدمة في أغسطس 1983 في مطار كوبينكا. اجتازت الطائرة الاختيارات المطلوبة في 1984 وبدأ تسليمها للصف الأول في القوات الجوية السوفيتية في نفس العام.
ظهر الفارق الواضح بين البرنامجين (الطائرة الثقيلة والخفيفة) عندما دخلت الميج-29 الخدمة في القوات الجوية، بينما كلفت السو-27 بمهام أكثر خطورة مثل تدمير أهداف الناتو الحيوية في العمق وسحق الأهداف الجوية المعادية. أما الميج-29 الأصغر حجما فقد حلت محل الميج-23 فورا في مهام مقاتلة الصف الأول. وضعت الميج-29 بشكل عام قريبا نسبيا من خطوط المواجهة وكلفت بمهمة حماية القوات البرية السوفيتية المتقدمة. صممت معدات الهبوط في الميج-29 بشكل قوي لتتحمل الممرات الجوية الغير ممهدة بشكل كامل أو غير مستعدة والتي توقع القادة السوفييت وجودها في حالة الهجوم البري السريع. كما كلفت الميج-29 بمهمة حماية طائرات الهجوم الأرضي من الطائرات الأمريكية مثل الإف-16 والإف-15. صممت الميج-29 لتوفر مظلة جوية للقوات البرية السوفييتية المتقدمة بحيث تتقدم للأمام مع القوات خلال هجومها.
أما في الغرب، أعطيت المقاتلة الجديدة لقب تعريف الناتو "فلكروم إيه". صدرت الميج-29 B بشكل كبير ولكن كنسخة أقل في الإمكانيات، الأولى هي "MiG-29B 9-12A" لدول حلف وارسو و"MiG-29B 9-12B" لبقية الدول. كانت الأنظمة الملاحية في النسختين أقل تطورا من تلك المخصصة للإتحاد السوفييتي بالإضافة إلى إلغاء قدرة الطائرة على إطلاق الأسلحة النووية. أنتج تقريبا 840 طائرة من الطرازين.
أما النسخ المطورة من الميج-29 والتي زودت بأنظمة ملاحية متطورة فقد احتفظ بها في الاتحاد السوفييتي. اما النسخ متعددة المهام مثل اميج-29 كيه والتي كان لها القدرة على الإقلاع من على متن حاملات الطائرات فلم تنتج أبدا بأعداد كبيرة. أما في الحقبة التي تلت تفكك الاتحاد السوفيتي فيبدو أن افتقار ميكويان للنفوذ السياسي وتفضيل منافستها سوخوي قد أدى إلى تأثر تطوير الميج-29 سلباً. بالرغم من هذا فما زال تطوير بعض الطرازات جاريا بغرض التصدير كما أنه في الأغلب سيتم تطوير الطائرات الموجودة حاليا في خدمة القوات الجوية الروسية.
طورت عدة نسخ من الميج-29 مثل الميج-29 إس.إم.تي والميج-29 إم. كما تواصل تطوير النسخة القادرة على الإقلاع من على متن حملات الطائرات الميج-29 كيه لصالح البحرية الهندية ولكن الأخيرة فضلت في النهاية الطائرة الأكبر سوخوي سو-33.
الملامح الأساسية
طراز MiG-29UB معروض ، يظهر به مروحية
نظراً لأن الميج-29 صممت وفق المقاييس نفسها التي حددها مكتب تساجي للطائرة المقاتلة الصف الأول المتطورة (بي.إف.أي) تعد الميج-29 شبيهه إلى حد كبير بالسو-27 من الناحية الأيروديناميكية ولكن مع وجود اختلافات ملحوظة، فقد بنيت الميج-29 بشكل أساسي من مادة الدوراليمنيوم مع عدد من المواد المركبة الأخرى. للميج-29 جناح مرتد للوراء بزاوية 40° متوسط الارتفاع في جسم الطائرة. كما أن للميج-29 ذنب مرتد للوراء وذيلين أفقيين. الميج-29 غير مجهزة بنظام التحكم الكهربائي مثل إف-16 و الميراج 2000, إلا أن قدراتها على المناورة تنافس طائرات الجيل الأحدث. وهذا يرجع لتصميم هيكل الجسم الرافع المساعد للجناحين وأيضاً لقلة حمولة الوقود، هذا العامل الأخير الموروث عن الحقبة السوفياتية في صناعة المقاتلات سبب أفول الميج-29.
تعليقات
إرسال تعليق